خفت الأحمال وزادت الأعباء.. المولد الكهربائي من أجل المرضى والزبائن والمعازيم

تصوير: مؤمن مسعد

كتب/ت مؤمن مسعد
2023-09-21 00:00:00

اضطر محمود، طبيب العظام، إلى تعليق لافتة على مقر مركز الأشعة الخاص به في بورسعيد، تعلن إغلاقه في الساعة المحددة لقطع التيار الكهربائي، طبقًا لخطة تخفيف الأحمال. 

شهران كاملان ومحمود يحاول ألا تؤدي الخطة به إلى انصراف المرضى والضرر بالأجهزة الطبية، يقول: “منذ الأزمة وأنا أواجه مشكلة كبيرة، الكهرباء تنقطع عدة مرات يوميًا وهو ما يؤدي إلى تعطل جهاز الأشعة وإعادة إجرائها مرة أخرى، هذا وقت وجهد مضاعف"، يضع محمود يده على قلبه خشية تلف الأجهزة من جراء تذبذب التيار الكهربائي. 

في بداية الشهر الجاري كان محمود وغيره يتوقع وفقًا لتصريحات مسؤولين حكوميين في وسائل الإعلام أن ينتهي هذا التخفيف أو ينخفض على الأقل، إلا أنهم وجدوا أن ساعات الانقطاع تزداد مؤخرًا ولم يعد هناك التزام بالساعة المخصصة في الجدول لكل منطقة والذي حددها مجلس الوزراء ل كل محافظة ومن بينها بورسعيد.

وتبرر الحكومة الخطة بأنها خيار المضطر "ليس أمامنا خيار سوى وضع خطة ممنهجة عن طريق قطع الكهرباء في ساعات مختلفة خلال اليوم في مواعيد محددة على كافة أنحاء محافظات الجمهورية؛ بهدف توفير الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء والذي قل بسبب زيادة الاستهلاك خلال فصل الصيف"، وهو ما يخالف وعد محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة الذي قال في مارس الماضي أن العودة لتخفيف الأحمال"لن يحدث مرة أخرى مهما بلغت الأحمال على الشبكة القومية للكهرباء، سواء خلال شهور الصيف أو الشتاء”.

ولهذا انتعش سوق المولدات الكهربائية، خاصة وقد دخلت الخطة شهرها الثالث، وعانى مواطنون من تعطل مصالحهم واضطروا لمواجهة ذلك بحلول أقل خسارة.

 

اشترى محمود مولد كهربائي كلفه سبعة آلاف جنيه، محاولًا إنقاذ أجهزته الطبية من التلف حال تذبذب الكهرباء، ومركز الأشعة من انصراف المرضى. 

يقول: “شهر كامل وأنا أعمل بالمولد، لكنني لا أجد مكانًا لوضعه فصوته عالي ومزعج، ولذا عرضته للبيع وأعلنت وقف عمل المركز خلال ساعة القطع، وهذا أقل ضررًا من الانقطاع العشوائي الذي كان يحدث في بداية الأزمة".  

ولا يعرف محمود متى يستطيع فتح مركز الأشعة دون خوف من انقطاع التيار، إذ طالت مدة الأزمة، ولم تعد ساعة واحدة، بل أحيانًا تصل إلى ساعتين أو أكثر. 

وقد أدى غياب أية ملامح لموعد انتهاء خطة تخفيف الأحمال إلى قفزة في أسعار المولدات، حسبما رصدت "البورسعيدية" خلال جولة في سوقها، والتي تتراوح أسعارها بين 450 للنوع الصيني إلى 70 ألف جنيه للمولد الذي يعمل على بنزين قدر 10 كيلو واط، وتتباين الأسعار وفق نوع المولد وحجم الشحنة الكهربائية التي تحددها احتياجات المواطنين، سواء في الشقق أو المحلات أو المصالح والهيئات.

كما انتعشت حركة إصلاح المولدات الكهربائية، حسبما يقول محمد النوبي، ميكانيكي مولدات، وأضاف: "هناك أنواع مولدات "وقود" تعمل على مدار اليوم بشرط توافر البنزين، ولتفادي الأعطال يجب غلقها من ساعة إلى أربع ساعات يوميًا، وألا تتعرض للشمس مباشرة، ومولدات أخرى تعمل بالشحن أو البطاريات وتكون لها سعة تشغيل محددة، والأعطال التي تتعرض لها تكون من خلال زيادة الأحمال على المولد؛ لذلك يجب على المشترى أن يعرف جيدًا مدى استيعاب المولد لتفادي حدوث الأعطال".

تخبط الخطة دفع "أ.ح" 38 عامًا إلى تأجير مولد كهربائي في قراءة "فاتحة ابنتها"، حيث خشيت من إحراجها في الفرح أو إفساده.

تصمت ثم تفكر وتضيف: “اقترحت أختي تأجير المولد، زوجها لديه محل أحذية يستخدم فيه المولد بشكل يومي منذ انقطاع الكهرباء في منطقتها بداية من شهر يونيو من ثلاث إلى أربع مرات يوميًا وفي كل مرة ساعة إلى ساعتين".

لذا اتفقت مع صاحب محل فراشة لتأجير أحبال نور وضم سعرها مع سعر تأجير مولد كبير الذي تكلف وحده 1000 جنيه، فالأصغر ذو ال300 جنيه كثير الانقطاع، تقول: “تم تركيب المولد أسفل المنزل وتوصيل الأسلاك الكهربائية من البلكونة". 

كانت الكهرباء مقطوعة عن المنطقة وقت تركيب المولّد، وعندما عادت كان صاحب محل الفراشة قد رحل، لتكتشف أن المولد لم يعمل سوى نصف ساعة فقط، وظل الرجل يحاول إصلاحه وفي النهاية لم تتم قراءة الفاتحة إلا مع عودة التيار الكهربائي، هكذا تقول بحسرة. 

وفي بداية الأزمة كانت جميع الأحياء في بورسعيد تتعرض لانقطاع الكهرباء بشكل عشوائي، ولكن بعد وضع جدول تخفيف الأحمال ظن فتحي محمد، 55 عامًا، أن الأمر سيقتصر على ساعة واحدة يوميًا، لكنه يعاني من انقطاع الكهرباء في الخط المرتبط بالمقهى الذي يمتلكه لمدة 5 ساعات متقطعة يوميًا، ورغم تواصله مع شركة الكهرباء لم يصل إلى حلول إلى الوقت الحالي.

ولم يجد حلًا سوى المولد، يقول: “كان لدّي واحد لم استخدمه منذ 2013 مع أزمة انقطاع الكهرباء وقتها، أصلحته ووضعته بالمقهى، وبالنسبة ليّ تحمل تكلفة الوقود الذي يستهلكه المولد أوفر من حدوث أعطال في أجهزة المقهى أو خسارة الزبائن".

ويفتح الرجل مقهاه في حي الشرق صباح كل يوم، داعيًا ألا تتعرض أجهزته لسوء، يقول في أسى: “ماكينة الثلج وشاشة التليفزيون تعطلا، والكهربائي قال إن السبب تذبذب التيار". 

وسيظل صاحب المقهى والسيدة وطبيب العظام وآخرين يسألون عن موعد انتهاء خطة تخفيف الأحمال دون إجابة، على الرغم من إعلان نادر سعد المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء في 30 أغسطس الجاري انتظام التيار الكهربائي بحلول منتصف سبتمبر، إذ قال إنه من المتوقع أن يستمر الوضع أول 14 يومًا فقط من سبتمبر، وكلما نفذت الخطة أهدافها في تخفيف الأحمال وترشيد الاستهلاك؛ اقترب موعد انتهاء قطع الكهرباء، مضيفًا أن حالة الطقس عندما تتحسن يقترب الموعد وتقل ساعات الانقطاع  المعمول بها في خطة تخفيف الأحمال، حسب تصريحه.