أحلام وطموحات كل أجازة

كتب/ت حبيبة حجازي
2024-04-24 14:58:34

كلما اقتربت من أية أجازات أعياد كانت أو أية مناسبات، دار السؤال في ذهني؛ لماذا كلما ابتعدنا عن المركزية تندر الخدمات؟ لماذا لا نجد نحن أبناء القرى ما نستطيع أن نقضي فيه أجازاتنا.

يعتاد الجميع أن يعلن عن حبه للأجازات، خصوصًا في الأعياد حيث تكون أيام عطلته طويلة، وأنا أيضًا أنتظر الأعياد والأجازات بكل شغف لأرتدي ثيابي الجديدة وانتظارًا لمجئ الأهل والأقارب لنحتفل سويًا بالعيد، إلا أني دومًا أشعر أن هناك شيء لا يكتمل.

أقطن في أحد النجوع التابعة لمركز المراغة التي تبعد ساعتين على الأقل عن مركز مدينة سوهاج التي نحتاج أن نتوجه إليها إذا احتجنا إلى أية خدمات، وخصوصًا الترفيهية. 

لا يوجد في النجع سوي نادي واحد يخلو منه  الألعاب؛ عبارة عن أرض فضاء يتوسطها مقاعد ومناضد تابعة لمقاهي، لا يجلس عليها سوى الرجال، فالنساء هنا لا تسمح لهم القرية أن يشاركوا في هذه المساحات المفتوحة.

لذا فمن يريد أو مضطر أن يبحث عن البديل، فإما أن يتوجه إلى مركز المدينة، أو تجلس في المنزل وتقضي أجازتك سواء في الأعياد أو الصيف، في درجات حرارة تتخطى أحيانًا الـ40.

في عيد الفطر الماضي، حرمني بُعد المسافة عن المدينة من فسحة العيد التى ورغم ذلك أنتظرها كل عام، وكل مرة أقول لنفسي: كم كنت أتمنى العيش في المدينة لأحتفل مثلما يحتفل به أصحابها، حتى وإن كانوا هم أنفسهم في جلوسي معهم ينتقدوا أيضًا تمركز عدة خدمات في العاصمة القاهرة، أو كما نقول نحن هنا في الأوساط العامية "مصر"، وأتوقع أن هناك من هم في القاهرة أيضًا من يشير إلى أحياء أو مدن معينة في القاهرة بهذه المركزية. 

بالنسبة لنا هنا في النجع، ليست لنا خيارات كثيرة، فإما الذهاب إلى مركز جهينة الذي يقرب لنا عن مدينة سوهاج أو الذهاب الي المقابر لزيارة الأموات.

أما الذهاب إلى مدينة سوهاج نفسها، فيحتاج أولًا أن يتوافق ذلك مع الأسرة، فضلًا عن توقع حالة الإزدحام التي تملأ أرجاءها نتيجه توجه كل الراغبين في "الفسحة" من مختلف المراكز.

وحتى إن قررت أن أواجه الزحام من أجل "تغيير الجو"، فماذا سأفعل مع انخفاض توافر المواصلات من وإلى، مما يجبرنا على العودة  إلى المنزل مبكرًا وإلا قد لا نجد من يعيدنا.

حينما خضت هذه التجربة ذات مرة، عدت إلى المنزل حزينة، ليس لأن "اليوم خلص"، بل لأني لم أشعر بمتعة التنزه في حديقة مليئة عن آخرها بالأسر والأفراد من مختلف الأعمار، لا متسع لهم غيرها، سواء على مستوى التوافر أو حتى القدرة الاقتصادية، ولألم جسدي شعرت به بسبب  المجهود والطاقة المبذولة في الانتقالات و"المعافرة"، لم يكن مثلما نشاهد في الأفلام والمسلسلات حالة الناس وهي في المتنزهات والخضرة والماء والسماء.

في أغلب الوقت، أجلس وعائلتي داخل المنزل، وتبقى الأنشطة المرتبطة بأكلات معينة أو مشاهدة التلفاز هي خيارنا الوحيد في حالة المناسبات مثل العيد أو الأجازات من المدرسة.

وأظل في كل عام أطرح نفس السؤال أنا وغيري من القاطنين خارج أضواء العاصمة كل عام مع حلول الأعياد والأجازات، لماذا لا توجد أماكن للتنزه في القرى مثل المدينة؟ هل ليس من حقوقنا؟ ألّا يفكر أحد في أننا نحتاج أيضًا إلى توفير خدمات نرفه فيها عن أنفسنا مقابل مصاعب كبير نقابلها في حياتنا العامة واليومية؟ لماذا كل هذا التهميش الواضح الذي يعاني منه معظم ساكني قرى سوهاج؟

أقترب إلى العشرينات من عمري، ولم أسمع عن أن هذا مطروح من الأساس في أية خطط تتحدث حتى هذا الأمر، رغم أن توافر مثل هذا النوع من الخدمات هو من الأساسيات وليس الرفاهيات، فمن يمكنه أن يقول أنه لا يرغب في التنزه؟ 

هذا الحوار الذي يدور في عقلي كل عام يسوقنى وراء حلم بسيط؛ ماذا لو توفرت لنا أماكن ترفيهية داخل القرى، حينها لن نكن مرغمين  للذهاب خارج القرية مما يتطلب وقتُا ومالًا أكبر، سنذهب اختياري، ولا يحدث حينذاك كل هذا التكدس الذي نراه كل عيد في شوارع المدينة، فالمعاناة هنا لا تقتصر فقط على أصحاب القرى، بل على أصحاب المدينة أيضًا، فالتكدس والإزدحام  يفسد على الناس فرحتهم كما سيمكنني من قضاء وقت طويل ممتع دون ازدحام وتكدسات.