جانا العيد.. أما آن للمواطن السوهاجي أن يذهب للمسرح في العيد؟

تصوير: أرشيفية

كتب/ت تسبيح السيد
2023-04-22 00:00:00
جانا_العيد | نشعر مؤخرًا أن هناك شيء ما بات ينغّص فرحة العيد، لأسباب تختلف من شخص إلى آخر؛ في عدة تقارير نقدمها عبر هذا الملف نطرح السؤال من بورسعيد إلى أسوان؛ لماذا بات الحديث عن بهجة العيد مختلفًا على ألسنة عدد ليس بالقليل ممن حولنا؟ وفي الوقت ذاته ما هي البدائل التي نلجأ إليها كي نتجاوز تلك المنغصات، وتستمر ذكريات أعيادنا حتى وإن كانت مغلفّة بالضغوط الاقتصادية أو الاجتماعية أو التكنولوجية.
 
إذا كان لديك حساب خاص على أيًا من مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد مع قرب قدوم العيد وطوال أيامه مشاهد تتكرر
سنويًا، ورغم ذلك ستقابلها كل عام بنفس البسمة على وجهك.
 
سأضرب لك عدة نماذج؛ صور إعداد الكحك والبسكوت في المنازل، احتفالات صلاة العيد، جلاليب الصلاة للفتيان واسدالات وفساتين الفتيات، ولبس العيد، طبق الكعك والبسكوت، وأخيرًا تجمع العائلة أمام التليفزيون وعلى شاشته أحد المسرحيات القديمة.
 
سُك على بناتك، مدرسة المشاغبين، ريا وسكينة، العيال كبرت، المتزوجون، الواد سيد الشغال، وغيرها من المسرحيات التي قد تكون تم تأديتها على المسرح قبل ميلاد من يشاهدها من الأساس، ومع ذلك هي ضيف أساسي على شاشات القنوات في أيام العيد، لدرجة أنك إذا لم يسعفك الحظ في مشاهدتها على قناة ستجدها بالطبع على أخرى.
 
في سوهاج، لا نعلم تقريبًا عن المسرح سوى من التليفزيون، فلا يوجد هنا مسرح يقدم لنا المسرحيات العامة التي تٌقدم في القاهرة، لذا ننتظر أن تقوم أحد القنوات الفضائية بشراؤها، ومؤخرًا بات الأمر يدخل فيه المنصات ذات الاشتراك المادي الخاص.
 
فحضور مسرحية -أو حتى فيلمًا سينمائيًا وهذا غصّة أخرى- ليس هي الخروجة التي ستجدها عادة لدى المواطن السوهاجي سواء نحن كشباب أو حتى العائلات التي قد تود أن تخرج في العيد "خروجة غير تقليدية" لا تعتادها في مثل الأيام العادية التي قد لا يتاح لها فيها ذلك.
 
فكان من الطبيعي أن تتوقع أن مشاهدة هذه المسرحيات على شاشات التليفزيون وإن كانت قديمة ومتكررة وقُتلت عرضًا إلا أنها لا زالت أحد مصادر التسلية والمتعة بالنسبة لي ولأخوتي ولكل من يشابهنا في المحافظة التي لا تقدم لنا كثير من المساحات العامة التي نستطيع أن نخرج فيها في العيد.
 
للتلفاز مكانة خاصة عندي، خصوصًا أني لا أختلط كثيرًا في التجمعات العائلية، أحاول أن أشاهد ما أحبه من هذه المسرحيات القديمة وأستشعر "فرحة العيد"، وأحيانًا ينجذب أفراد العائلة معي ليشاهدوا ما يُعرض، عين هنا، وأخرى على هواتفهم إلا في حالة نفاذ البطارية.
 
وبالرغم من وجود مسرح رومانى فى محافظتي إلا أنه تحول مؤخرًا إلى "كافيه" بعد فترة إغلاق، ولا يتم عرض عليه أى أعمال جديدة سوى الإحتفالات الرمضانية لقصر ثقافة سوهاج بسبب أعمال التصليح المُقامة بالقصر وتوقفه عن عرض مسرحياته فيه، التي وإن كانت قليلة إلا انها كانت متميزة وكانت والدتي تحرص دومًا على حضورنا لها لضرورة تعرفنا على الفن والتمتع به، وهو ما كانت تردده لنا.
 
وعلى الرغم من محاولة المنصات الخاصة سحب المشاهدين إليها، إلا أننا حتى نكون واقعيين؛ في ظل هذه الظروف الاقتصادية الضاغطة كم من المواطنين سيكون قادرًا على أن يجعل اشتراك هذه المنصات أحد التزاماته الشهرية، وكأن الأمر بات مرتبطًا بما تملك، فإذا لديك القدرة المادية ستشاهد مسرحيات جديدة وملونة مثلما حدث في عرض مسرحية الزعيم أو مسرحية مدرسة المشاغبين بعد تلوينها، أما إذا لم تملك فحاول أن تتمتع "كل مرة" بالمسرحيات القديمة، التي لا أنكر أنها ممتعة لكن السؤال إلى متى ستظل هكذا؟
 
في محيطي الاجتماعي كله؛ العائلي والأصدقاء مثلًا لم يشترك أيًا منهم تقريبًا في هذه المنصات، ولا أرغب أن أقوم مثلًا بالاشتراك فأجد نفسي أفقد متعة اللمة حول التلفاز، وهو ما يبدو ممن يشترك في هذه المنصات منفردًا، يستمتع بمشاهدة أعمالها بالفعل ولكن ملتصقًا بهاتفه الشخصي أو جهاز اللاب توب، فيبقى الأمر وكأنه حدث فردي يبتعد عن متعة المشاهدة الجماعية التي كانت سببًا أصلًا في المتعة المرتبطة بهذه المسرحيات القديمة.
 
ولا يرتبط الأمر بي فقط أو بمحيط معارفي، تؤيد منة عادل ،طالبة في كلية تجارة، مثلًا ما أشعر به، تقول أن مشاهدة المسرحيات ترتبط لديها بتجمع العائلة وحميمية اللمة والأيام الجميلة، لذا تجد فيها روحًا مختلفة عما قد تجده في الأعمال الجديدة التي ترى أنها أقل من مستوى المسرح سابقًا.
 
وتتفق آية عبد السلام، الطالبة بكلية دراسات اسلامية، معها فتقول: "أحيانًا لا أحب التكرار ولكن في نفس الوقت، تدفعني المشاهدة إلى الضحك حتى وإن كنت أعلم مسبقًا ما يحدث أو يقال فيها".
 
بينما تسأل اسراء السيد: "هل لدينا بديل؟"، مشيرة إلى أنه حتى ولو كان هناك مسرحيات جديدة تستطيع أن تنافس الجودة الفنية العالية الموجودة في المسرحيات القديمة، فلا نعلم عنها شيء في سوهاج لأنها غالبًا تقدم في القاهرة بعيدًا عنا.
وتوضح سما محمد، الطالبة بكلية الطب البيطري، أن المسرحيات القديمة تتميز بأنها كانت تقدم موضوعات قريبة من حياتنا العادية، "تشبهنا" بمعنى أدق، بتكاليف بسيطة ليست مثل بهرجة ديكورات وملابس المسرحيات الحالية، التي تتعرض لها أحيانًا إذا عرضها التليفزيون.
 
بينما تتحدث سامية عبد الحفيظ، ربة منزل، عن نقطتين الأولى هي أن المسرح لا يتلقى الاهتمام المادي والمعنوي الذي قد تلقاه السينما والأعمال الدرامية، الثاني أن تسجيل التليفزيون المسرحيات لعرضها على المشاهد المصري وتجديد ما يتم عرضه له من أعمال لا يحدث باستمرار، وإنما يحدث لأعمال دون أخرى.
 
ويربط محمود تلاهى بين مشاهدته للمسرحيات القديمة واسترجاع ذكريات طفولته، وأن متعتها الخاصة تأتي من تجمع العائلة أمام التلفاز بجميع الاعمار، خصوصًا مع التأكد من أن الأعمال تناسب الجميع.
 
وكما يظهر، مهما اختلفت الأعمار فللمسرح جمهور محب هنا في سوهاج، وإذا أمعنت التفكير للحظة ستتساءل: أي وقت أفضل من إجازة العيد، كي تجتمع الأسرة أو الأصدقاء متوجهين لمشاهدة المسرحية المعروضة عليه، وإلى أن ينظر المسؤولين في ذلك ويحدث هذا، سنبقى نحب المسرحيات القديمة.