“التمور المصرية”.. إلى موائد افطار القاهرة (النهاية)

تصوير: مريم أشرف - معروضات التمور في أحد محال القاهرة خلال شهر رمضان

كتب/ت مريم أشرف
2024-03-27 22:59:03

على بعد 699 كم، يصل البلح إلى شوارع العاصمة، حاملًا معه شمس أسوان، وارتفعت تكلفة رحلة النقل في الأعوام الأخيرة بسبب الارتفاعات المتوالية في البنزين.

لا تخلو موائد الإفطار وقت أذان المغرب من "التمور"، التي تحتل مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم من حيث انتاجها.

وفي أسوان، تختلف التمور المصرية من حيث أنواعها وقيمتها الغذائية، منها: «الملكابي، السكوتي، البارتمودي»، وهي أشهر الأنواع التي يجود بها نخيل المحافظة تحديدًا، ويتم توزيعها وبيعها غالبًا في كل المحافظات بعد ذلك.

وطالت موجات ارتفاعات الأسعار المتتالية التمور هذا العام أيضًا، الذي يشتكي المستهلكين من ارتفاع سعره في السنوات الأخيرة الماضية، دون أن يشفع لمصر انتاجها الضخم منه، ويشتكي المزارعين والتجار أيضًا من ارتفاع تكاليف انتاجه واضطرارهم لرفع السعر الذي أدى إلى انخفاض الإقبال عن الأعوام الماضية.

لذا نحاول في هذا التقرير تتبع رحلة التمور منذ وصولها من أسوان حتى وصوله إلى القاهرة، بداية من حديث مع المزارعين في المحافظة، وصولًا بها إلى التجار وتوزيعها حتى تصل إلى الباعة وأخيرًا المستهلك.

وهذا العام، يصل سعر كيلو التمر إلى 65 جنيهًا للكيلو، ويوجد أنواعا بسعر أقل لكنها أصغر حجمًا وأقل جودة، وبشكل عام ارتفع متوسط سعر البيع 30 جنيهًا تقريبًا، وهو ضعف سعر نفس الأنواع العام الماضي.

يرجع محمد عبدالله، تاجر بلح في القاهرة، ارتفاع أسعار البلح المعروضة في القاهرة بسبب ارتفاع كل تكاليف انتاجه ونقله من أسوان إلى القاهرة، إلى جانب التخزين ومصاريف المبيدات الحشرية التي تساعد على الاحتفاظ بالبلح لشهور طويلة بعد الحصاد.

بينما يقول محمود أحمد، صاحب محل ياميش في منطقة حدائق المعادي بالقاهرة، إن البلح يصل إلى القاهرة قبل رمضان بشهر، وتبدأ المحالّ في عرضه قبل رمضان بثلاثة أسابيع، ويعتمد تجار القاهرة على البلح الأسواني والقناوي، لأنهم أفضل محافظتين في الإنتاج والتوزيع للقاهرة.

تنتج مصر سنويًا 1.8 أطنان من التمر بحسب الفاو «المنظمة العالمية للغذاء والزراعة».

ويشرح أحمد أن البلح ينقسم إلى ثلاثة أنواع في السوق الأول فواخر وسعره من 35 إلى 65 جنيهًا وهو الأعلى سعرًا، والثاني الوسط بسعر 30 جنيهًا، والشعبي وهو الأقل سعرًا وجودة بنحو 20 جنيهًا، موضحًا أن التفاوت بحسب نوع البلح ورحلته من صعيد مصر إلى القاهرة.

وقد انعكس ارتفاع الأسعار الذي صاحب كل السلع قبل شهر رمضان بسبب استمرار انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، على سوق التمور أيضًا، ومثل باقي السلع، قلل المستهلكون من معدلات شراؤهم المعتادة.

ودفع ارتفاع الأسعار كريمة أسامة، 45 عام، ربة أسرة، إلى عدم شراء التمر هذا العام واستبداله بمشروبات "التمر الهندي" سريع التحضير أو السوبيا.

تقول أن أسرتها كانت تستهلك ما يقارب 6 كيلو لأسرتها، ووفقًا لأسعاره هذا العام فهو يتخطى الميزانية التي كانت تخصصها له وهي "200 جنيه".

تعلق أسامة قائلة: “كنت أتمنى بالطبع ألّا أنقطع عن شراؤه، لأني أعلم قيمته الغذائية بعد عملية الصيام الشاقة، لكن ما الأهم لهم أن أشتري التمر أم أستغنى عنه وأوفر وجبة جيدة”.

أما محمد شكري، رب أسرة ومحاسب، اشترى بلح "وسط" بسعر 35 جنيه، وقرر ألّا يشتري مجددًا إذا أنتهت هذه الكمية، يقول: “اشتريت 4 كيلو فقط، وبالتأكيد لن يكفوني أنا وأسرتي لنهاية الشهر، لكن الميزانية لن تسمح بأكثر من ذلك".

يتذكر محمد أنه العام الماضي وما قبله كانت ميزانيته تسمح بشراء نوع فاخر ذو جودة أعلى، وكان يستطيع إضافة "قراصيا وتين ومشمشية"، وهي إضافات بدأت تنخفض ومن ثم تختفي من كوبه المفضل، مقررًا الاستغناء عنها، توفيرًا لسلع أخرى ذات أولوية للأسرة.