أسئلة ما قبل العيد.. لماذا لا يوجد محل لبيع الملابس في قريتنا؟

تصوير: محمود جابر - اكتظاظ أسواق مدينة المنيا برواد العيد بسبب ندرة المحال بالقرى

كتب/ت محمود جابر
2024-04-08 21:01:58

تبعد القرية التي أسكنها، وهي زاوية سلطان، عن مركز مدينة المنيا بحوالي تقريبًا 7 كيلو، ورغم أننا نتبع في الأصل المدينة، إلا أن بعد المسافة يجعلنا نستغرق في الذهاب حوالي ساعة ذهابًا وعودة إيابًا.

وتقريبًا يضطر معظم أهالي القرية إلى النزول إلى المدينة، فكافة الخدمات والاحتياجات التي قد يلجأوا إليها في الغالب ليست موجودة في القرية، بل هي في "المدينة".

وهكذا اعتاد الناس هنا في القرية، التي تبدو وكأنها تقتصر على معيشتنا، أما احتياجاتنا، فهي متوفرة لسكان المدينة، فإذا احتاجناها فلنذهب إليها نحن، ويجب بالطبع أن نمتلك تكلفة الذهاب والعودة وهي 20 جنيه، وهي ليست بالقيمة القليلة بالنسبة للسكان هنا، بل يعتبر تكلفة قد تمنعهم من الذهاب الدوري، وتجعلهم يحسبونها قبل الذهاب.

وقبل العيد، يأتي إلى ذهني دومًا الأسئلة المتعلقة بالخدمات أو الاحتياجات التي نفتقدها هنا في القرية، وتجعلنا دومًا في حاجة إلى قطع الطريق والتكلف للانتقال، أبسطها مثلًا أننا لا نملك أية محال لبيع الملابس لأهالي القرية.

ستقول لي بسيطة "إذهب إلى المدينة".

هي إجابة مباشرة بالفعل، لكن احتياجات سكان القرية هنا مختلف، ففي ظل ارتفاع أسعار الملابس بشكل عام، يعتبر بيع الملابس في المدينة تكلفة إضافية، فهناك الايجارات أعلى، حجم الانفاق أعلى، والأرباح المتوقعة من أصحاب المحال تكون أعلى.

لذا، فتوافر هذه المحال في المدينة وقدرتنا على التنقل إليها ليست هي النقطة المباشرة التي تجعلني أتساءل لماذا لا يتوافر محال الملابس في قريتنا، بل أيضًا التكلفة التي بالتأكيد ستنخفض مع انخفاض التكلفة في القرية.

في آخر زيارة لي للمدينة؛ لا يوجد تيشيرت أقل من 200 و 300 جنيه، والبنطلون الشبابي سعره ما بين ال 400 و600 جنيه، والحذاء يتراوح بين 300 و 500 جنيه، ولا تقل ملابس النساء عن 500 و700 جنيها، أما الأطفال فالطاقم الواحد قد يكلف الأسرة ما لا يقل عن 1000 جنيه.

ولا تبدو هذه الأسعار مناسبة لنا، وللدخول الاقتصادية ف يالقرية. أخوض النقاش حول الفكرة مع والدي، يشير لي إلى أن في هذا الوقت يكون الأسعار أعلى أيضًا لتزايد الطلب على الملابس الجديدة، وتكون المدينة مزدحمة بالعديد من الأشخاص من معظم القرى، ويشكو لي عن غياب الرقابة التي تجعل كل من يبيع سلعة يحدد سعرها حتى لو أكثر مما تستحق، ومع زيادة الطلب فلن يتضرر إلا من ليس معه.

ويلفت والدي نظري إلى بعد آخر، يقول أن النقص في محال بيع أي سلعة معناه اتجاه الراغبين في الشراء إلى أماكن أخرى، مثل المدينة في حال الملابس هنا، لذا فالأموال تخرج خارج القرية ولا يتم الاستثمار فيها، مما يؤثر على التنمية المحلية داخلها وتوافر فرص العمل، وتحسين الخدمات المحلية والتجارة النشطة في القرية كجزءًا من تحقيق التوازن والتنمية المستدامة في المناطق الريفية.

وبالفعل تحدثت مع آخرون من أبناء القرية، لأعلم موقفهم تجاه هذا الأمر، لأجد أنهم هم أيضًا يتحدثون عن نفس الشيء؛ ارتفاع الأسعار المبالغ فيه والذي يتخطي ميزانياتهم المحدودة، وتكدس المشترون في محال المدينة فضلًا عن صعوبة التنقل والوقت الذي يستغرقه.

وكان في النقاش أيضًا يثوروا معي الحديث عن أن عدم توافر سيولة مادية لأهالي القرية تجعلهم غير قادرين على خوض تجارب عمل مشاريع تجارية.

ممن ناقشتهم كانت رضوى ربيع عبدالمعز، الصف الثاني الثانوي، 17 عام، التي أخبرتني أن هناك مخاطر أيضًا لمن يقيم مشروع تجاري داخل القرية له علاقة بثقافة تقلل من القرية على حساب المدينة.

ويخبرني حسين محمد على، عامل حر، أن الأسعار الحالية عمومًا زادت بشكل أكبر من الزيادات التي حدثت في الدخل الشهري، وأن شراء قطعة واحدة بات لا يقل عن 500 جنيه، وهذا كان المبلغ الذي يخصصه لشراء طقم كامل من عامين فقط.