فستان العيد

فستان العيد

كتب/ت علياء سيد
2024-04-10 11:50:58

قبل آذان المغرب، كنت أجلس في المطبخ أنا وأمي لنعد طعام الإفطار، وقلت لها سوف أخرج غدًا حتى أشتري ملابس جديدة للعيد وأريد المال.

قالت لي: "ليس من شأني، اطلبي من والدك"، فذهبت إلى والدي، وناديته: أبي يا أبي الحنون، فنظر لي ضاحكًا وقال: من المؤكد هناك طلب يا شيماء، وأجبت" اممممم... دائمًا تكشفني يا أبي أنا حقًا أريد شيء ولكنه بسيط جدًا"، فقال لي: نعم نعم ماذا تريدين لأني مشغول. 

 

ترددت للحظة ثم قلت: "أنا أريد مال لكي أشتري ملابس جديدة للعيد فقد بقى فقط يومان"، وسألني أبي "كم تريدين"، فأجبت "أريد ثلاثة آلاف جنيه فقط"، وسعت عيناه فجأة ونظر لي وهو مستغرب وقال: ماذا قلتي؟ كم؟ ثلاثة آلاف؟!

 

وتابع اندهاشه إذ قال: "أنا كنت أشتري لك ملابس العيد كلها بخمس مائة جنيه، فلماذا تريدين هذا الثمن، لا لا مستحيل". 

قلت له: "يا أبي اخرج لترى الأسعار، آخر مرة اشتريت لي ملابس العيد كانت منذ ثمانية أعوام، عندما كنت في سن العاشرة من عمري، وكل شيء ارتفع سعره جدًا دفعة واحدة، والثلاثة آلاف هم أقل سعر بالنسبة لأسعار السوق". 

 

فتدخلت أمي وقالت: "عندها حق فيما قالته إن الأسعار مرتفعة حقًا، وانا أيضًا أريد ملابس العيد"، فعلّق أبي مُستغربًا "وكم تريدين انتي أيضًا، فردّت أمي "أريد مثل ابنتك لأشتري"، ثم نظرت لي وسألتني "ما اسمه يا شيماء؟"، قلت لها: اسمه قفطان يا أمي، فقالت: نعم نعم قفطان، فضحك أبي وقال ماذا؟ قفطان هههههه أليس هذا الذي كان يرتديه عبد الغفور البرعي في مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي؟!، قمت بالنفي مسرعة: لا لا يا أبي إنه للسيدات وليس للرجال، استنكر أبي وقال: ما الذي حدث للدنياـ حقًا لم أتوقع أبدًا ارتفاع الأسعار بهذه الدرجة، فنظرت له وقولت "وماذا بعد ذلك يا أبي ألن تعطينا المال ؟!

 

تنهّد أبي وقال "كفي سوف أعطيكم المال"، الله اكبر الله اكبر… تردد صوت الآذان فجأة، فقُمنا مُسرعين نحو المطبخ وأبي يُلاحقنا بقوله "ما هذا إنه آذان المغرب اذهبوا اذهبوا بسرعة واحضروا الإفطار، لقد ألهاكم الكلام ولم نركز على الوقت".

 

وبعد الإفطار دخل والدي غرفته، وبدون قصد مني سمعته يقول لأمي "وماذا الآن؟! من أين سآتي بالمال لشيماء، لقد تحدثت معها ضاحكًا حتى لا تلاحظ أمي لا أمتلك هذا المبلغ، بسبب استقالتي من عملي وهي لا تعلم هذا"، فقالت له أمي إنها ستبيع قطعة من مجوهراتها حتى يستطيعوا شراء ملابس العيد، لكي لا ألاحظ شيئًا.

 

حزنت وقتها وذهبت مسرعة إلى غرفتي. وأخذت أبكي حزنًا على والدي، لكن في وسط بكائي تذكرت أن لديّ بعض المال الذي وفرته في صندوق "حصالة"، حتى أشتري هاتف جديد، وفي اليوم الثاني نزلت بصحبة صديقاتي ومعي المال، واشترينا الملابس، كنت فرحة حقًا، وذهبت إلى المنزل وأخذت أنادي بصوت عالي: "يا أمي يا أبي انظروا لقد اشتريت ملابس العيد، وانظري يا أمي لقد اشتريت لكي الملابس التي كنتي تريدينها"، فنظرت أمي لأبي متعجبة؛ وقالوا في وقت واحد: "من أين أتيت بكل هذا المال يا شيماء"، فقلت لهم إنه المال الذي كنت أجمعه في صندوقي

 

فقال أبي "أليس هذا المال الذي كنتي ستشترين به هاتف جديد؟"، فرددت قائلة "نعم نعم لكني لا أحتاج الآن إلى هاتف وهاتفي القديم يعمل جيدًا"، نظر لي أبي بحزن وقال "هل سمعتي حديثي مع والدتك؟"، قمت بالادعاء وسألته "حديث ماذا؟ أنا لا أعلم عن ماذا تتحدث!!"، وفجأة احتضنني أبي وأمي وأخذوا يكرروا على مسامعي "نحن فخورين بكِ يا ابنتنا".

 

ذهبتُ إلى غرفتي. كنت سعيدة بملابسي ونمت وأنا فرحانة جدًا، واستيقظت من نومي في الصباح على أصوات تكبيرات العيد، "الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا".. تنفّست بعمق ورددت في نفسي "أخيرًا جاء العيد وجاءت معه البهجة والفرحة"، ارتديت ملابسي الجديدة وخرجت بصحبة أبي وأمي، كانت الشوارع مزدحمة جدًا بالأطفال الذين يحملون البالونات الملونة والألعاب..

 

انتهت الصلاة وعدنا للمنزل؛ فنظرت إلى أبي ومددت يدي له وقلت له في مرح "أين العيدية يا أبي؟ هل ستنساني؟، فردّ عليّ قائلًا "لا لا وكيف أنساكي، خذي هذه عيديتك يا أستاذة"، نظرت لما وضعه في كفي واندهشت "ماهذا؟ خمسون جنيه فقط؟! لااااا هذا مستحيل لقد كبرت على أن تعطيني هكذا"، فأطاعني أبي وقال: "حسنًا حسنًا.. خذي خمسون جنيه أخرى ولن أعطيك أي مال آخر"، ووافقت على مضض. 

تلك العيدية لن تكفيني.. هكذا قلت لنفسي، فذهبت إلى أمي وناديتها بصوت عالْ "أمي أمي اين انتي؟، سمعت صوته من داخل غرفتها "أنا هنا شيماء"، اتجهت إليها قائلة "أمي أين عيديتي، أبي أعطاني مائة جنيه"، فنظرت لي أمي قائلة "أجل ماذا تريدين؟!، فرددت عليها في ضحك "أريد مثلها يا أمي حتى أستطيع أن أخرج مع صديقاتي في نزهة"، امتعضت أمي لكنها قالت "يا ويلي منك يا شيماء خذي واغربي عن وجهي". 

 

الآن أستطيع أن أتحدث مع صديقاتي لنخرج في كافيه أو أي مكان آخر،  وبالفعل تحدثت معهم وخرجنا وذهبنا الملاهي. كانت لي فترة طويلة لم أذهب إليها ولعبنا أغلب الالعاب وضحكنا كثيرًا من قلبنا، وبعدها ذهبنا إلى المطعم، وطلبنا طعام كثير واشترينا آيس كريم، وطلبته بالشوكولاتة لأنه الطعم المفضل لدي.

 

التقطنا الكثير من الصور التذكارية، وبعدها غادرت للمنزل مبكرًا حتى لا ينزعج مني والدي، جلست وحدي في غرفتي وأخذت أفكر وأتحدث لنفسي؛ حقًا وحتى إذا كبرنا سوف نظل ننتظر العيد مثل الأطفال ونتشوق لارتداء ملابسنا الجديدة، ونأخذ العيدية من أهلنا، ونخرج مع الأصدقاء أو الأقارب لأن للعيد فرحة وفرحة كبيرة أيضًا..