"فلوسنا رايحة فين؟".. عن حراك طلاب "الجامعة الأمريكية" بالقاهرة

تصوير: مريم أشرف - أحد الطلاب يرفع لافتة خلال إعلان المطالب لإدارة الجامعة

كتب/ت مريم أشرف

كتبت: مريم أشرف

للمرة الثانية خلال أقل من شهر، نظّم طلاب وعاملون بالجامعة الأمريكية، وقفة احتجاجية، داخل حرم الجامعة بالقاهرة الجديدة، حملوا فيها الأعلام الفلسطينية وهتفوا دعمًا للقضية ولغزة ثم توجهوا لمبنى إدارة الجامعة لتجديد مطالباتهم للإدارة بمقاطعة شركات ومؤسسات تدعم الاحتلال الإسرائيلي تحت شعار "فلوسنا رايحة فين؟".

ورغم أن هذه الوقفة كانت الأولى داخل حرم فرع الجامعة بالقاهرة الجديدة، إلا أن إعلان موقف طلاب الجامعة لم يكن الأول فى تضامنهم مع الأحداث الحالية، ولا فى تاريخ تضامنهم مع القضية الفلسطينية عمومًا، والتي تظهر سواء فى تظاهرات أو احتجاجات تخرج كلما قصف الاحتلال لقطاع غزة أو مع اعتداءاته المستمرة على الفلسطينيين، أو فى أنشطتهم الدورية.

 

مؤسسات تدعم الاحتلال

تأتي التظاهرة الأخيرة لـ "طلاب وخريجي الجامعة الأمريكية" - كما يشيروا إلى أنفسهم- استكمالًا لتمسكهم للمطالب التي أعلنوا عنها، منذ شهر تقريبًا، في 22 أبريل الماضي، حينما اعتلى أحد الطلاب ممثلًا عن بقية المجموعة منصة قاعة "ايوارث" في مقر الجامعة بوسط القاهرة- التحرير، عقب ختام جلسة "التفاوت الاقتصادي في القاهرة" ضمن جلسات مهرجان التحرير الثقافي التي شاركت الجامعة فى تنظيمه.

ويطالب الطلاب بمقاطعة إدارة الجامعة فورًا لشركتي "AXA Insurance" المتخصصة بمجال التأمين و "HP Inc" المتخصصة بمجال الإلكترونيات، لتمويلهما قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات ومنظومة الفصل العنصري في فلسطين المحتلة، وشمل المطلب إنهاء جميع عقود الرعاية والتبادل مع أية شركات تدرج في قوائم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS).

وشركة "أكسا انفلونس"، وفقًا لموقع "BDS"، هي شرطة تأمين فرنسية تعمل في 57 دولة، تقدم كل أشكال التأمين، وبدأت عملها في مصر منذ فبراير 2015، بحسب وقع الشركة الرسمي.

وكشف تقرير أعدته مؤسستي "sumofus" و "Profundo" بعنوان " أكسا تمول جرائم الحرب"، أن الشركة تستثمر 1.2 مليون دولار في أكبر شركة أسلحة تابعة للاحتلال الاسرائيلي وهي شركة "ألبيت"، التى تزود جيش الاحتلال بأسلحة لقتل المدنيين الفلسطينيين.

وتشتهر "ألبيت" بصناعة قنابل الفوسفور الأبيض المحرمة دوليًا، والتي يستخدمها الاحتلال ضد الفلسطينيين.

و"sumofus" هي مؤسسة تقدم تقارير عن الشركات التي تشارك في استثمارات ضد القانون الدولي والبيئة، أما "Profundo" فهي مؤسسة أهلية متخصصة في البحوث التى تخلق عالم مستدام، وكلاهما يعمل بشكل مستقل وافتراضي بين عددًا من الدول الأجنبية.

ويكشف تقرير الصادر عن المؤسستين أن "أكسا" تشارك أيضًا في الأستثمار في 5 مصارف تابعة للاحتلال، بقيمة 91 مليون دولار، وهما بنوك "بنك هبوعليم وبنك لئومي، مزراحي طفحوت، ديسكونت والبنك الدولي الأول التابع للاحتلال"، واشتهرت تلك البنوك بمشاركتها في البنية التحتية وبناء المستوطنات تابعة للاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

أما الشركة الثانية التي يطالب الطلاب بمقاطعتها، فهي شركة HP Inc، التي تتولى أجهزة الحاسوب والطابعات الإلكترونية لإدارة الجامعة، وهي بحسب حملة "BDS"، تساهم في توفير أجهزة وأنظمة حماية لجيش وشرطة الاحتلال، إلى جانب توفير أنظمة للسيطرة على "فلسطينيي الداخل" حاملي جنسية الاحتلال.

وقد انطلقت "Bds" في 2005، بهدف عزل دولة الاحتلال أكاديميًا وثقافيًا وسياسيًا، ودعم فلسطين، وشارك في تأسيسها "رامي شعث" و"عمر البرغوثي"، الناشطان في المجالين الثقافي والسياسي عربيًا وعالميًا.

و بحسب موقع الحملة، فقد نشأت في فلسطين المحتلة، وامتدت عالميًا، لتسعى لمقاومة الاحتلال، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين، وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني وطنه.

 

بيانات مخفية

ولم توفر الجامعة الأمريكية بالقاهرة حتى الآن، أية بيانات متعلقة بشراكة اكسا واتش بي، وحجم استثماراتهم معها، ومازال الأمر مجهولاً، مما أثار غضب الطلاب، الذين يطالبون أن تلتزم الإدارة بالشفافية المالية الكاملة في المستقبل، والإفصاح عن سبل إنفاق الرسوم الدراسية.

ليس هذا فقط، بل يطالبون أيضًا أن تتعهد إدارة الجامعة بالالتزام بقائمة حركة المقاطعة من الآن فصاعدًا، حتى لا يتم استخدام أموال الطلاب والجامعة لتمويل جرائم الاحتلال المستمرة منذ 75 عامًا، وهي قائمة تقوم الحملة بتحديث محتواها بشكل دوري وتكشف عبرها عن المنتجات والشركات والمؤسسات الداعمة للاحتلال، فضلًا عن المطالبة بتعديل جميع العقود المستقبلية مع البائعين داخل الحرم الجامعي لمنع توريد السلع والمنتجات من قبل الشركات الداعمة للاحتلال.

 

حراك طلابي

ويأتي حراك الطلاب داخل الجامعة الأمريكية بالقاهرة خلال الفترة الأخيرة، ضمن حراك عالمي للطلاب سواء في الجامعات الأمريكية أو عدة دول أخرى، بدأ بالجامعة الأمريكية في كولومبيا، نهاية أبريل الماضي، والذي شكل مركز حركة طلاب الجامعات لدعم فلسطين حول العالم، خاصة بعدما قوبل ذلك بتدخل عنيف من قوات الأمن الأمريكية التي اقتحمت الحرم الجامعي وفضت الاعتصام الطلابي واعتقلت عدد من المشاركين فيه.

ومن بعدها انطلق عددًا من طلاب جامعات أمريكية، وصلت إلى 12 جامعة في ولايات أمريكية مختلفة، بالإضافة لجامعتي سيدني وملبورن في أستراليا، وعددًا من الجامعات في أوروبا.

 

فلوسنا رايحة فين؟

"فلوسنا رايحة فين؟" هو أشهر هتاف وشعار يرفعه طلاب الجامعة الأمريكية في احتجاجاتهم فى القاهرة منذ السابع من أكتوبر الماضي، يعلق أحدهم، ممثلًا عن المجموعة: "مش حابين أننا ندفع مبالغ ضخمة في مؤسسة تعليمية تدعم الاحتلال".

تهدف مجموعة طلاب وخريجي الجامعة _ وفقًا لحديثهم مع "صوت السلام"_ هو الضغط على إدارة الجامعة حتى يتخلصوا من الشركاء الداعمين للاحتلال، حتى تكون بيئتهم التعليمية خالية من دماء دعم الاحتلال".

ويقسّم أفراد المجموعة المهام بينهم، بين البحث المعمق وكتابة الهتافات، كتابة المطالب والعمل على الشعارات "البانرات"، حتى يحققوا هذا الهدف، إلى جانب هدف آخر وهو الحفاظ على أمانهم داخل الجامعة، وألّا يتعرضوا لمضايقات من إدارة الجامعة، لكن الثقة تكون في حماية الأساتذة الداعمين لهم من أول يوم.

وقد قوبل الطلاب فى المرة الأولى التي ظهروا فيها لإعلان مطالب المقاطعة في 22 أبريل الماضي بمحاولات من أمن الجامعة لمنعهم، وانزالهم عن المنصة وإطفاء أنوار القاعة لإجبارهم على الخروج منها إلّا أن تضامن حضور الندوة معهم وفتح أضواء هواتفهم المحمولة والوقوف حدادًا على ضحايا القصف الإسرائيلي، دعّم طلاب الجامعة فى استكمال إعلان مطالبهم.

يقول الطلاب أنهم اختاروا الإعلان عن مطالبهم فى ختام ندوة "التفاوت الاقتصادي" لأنهم توقعوا أن تشهد حضور مكثف من المثقفين ومتضامنين مع القضية الفلسطينية وأن ذلك سيوفر لهم قدر من الحماية والتأييد على الأقل.

ومنذ أحداث 7 أكتوبر ؛ نظم طلاب طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة عددًا من الوقفات التضامنية ضد ما يحدث من ممارسات الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، بداية من تظاهراتهم في 9 أكتوبر الماضي، ووقفة بعد مجزرة مستشفى المعمداني في 17 أكتوبر الماضي، التي استشهد فيها قرابة 1000 شهيد\ة من المدنيين.

وتعمل الجامعة الأمريكية في مصر، وفق قرار الرئيس المصري الراحل "محمد أنور السادات"، رقم 146 لسنة 1976، الذي نشر بالجريدة الرسمية في 1 فبراير من نفس العام، ليوافق بروتوكول تعاون أبرم في 13 نوفمبر من العام 1975، حول وضع تنظيم الجامعة الأمريكية بالقاهرة .

وتمثل وزارة التعليم العالي طرف الحكومة المصرية فى البروتوكول، بينما يمثل الطرف الثاني مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في واشنطن، وتوصف الجامعة فى البروتوكول أنها "مركز ثقافي غير هادف للربح"، وبناءً عليه تعفي مادته السادسة أجور ومرتبات الجامعة من الضرائب المقررة من الحكومة المصرية، كما تجعل "مجلس أمناء الجامعة"، والكائن في واشنطن، هو السلطة العليا فيما يتعلق بشؤونها.

لم يتم الإفصاح عن هوية الطلاب المشاركين في تلك المجموعة، التزامًا لطلبهم للحفاظ على أمنهم الشخصي داخل الجامعة.